صدرَ عن منشورات المكتبة البولُسيَّة، ومن ضمن سلسلة "أُمسِيات الأحد"، كتَيِّبان جديدان للأديب والباحث اللُّبنانيّ ناجي نعمان، وهما بعنوان "أكره المدرسة" و"اختِطاف أسقف في أرض الرَّافِدَين".
يختمُ نعمانُ الكُتَيِّبَ الأوَّلَ، "أكرهُ المدرسة"، بالقول:
"تبدَّلَتِ المدارسُ كثيرًا منذ جَدِّي وحتَّى أبنائي، لكنَّ كُرهَ المدرسة ما زالَ جاثِمًا على أفئِدَة الطَّلَبَة، ولو بِنِسَبٍ أدنى، ذلك أنَّ المدرسةَ تبقى أسْرًا للحرِّيَّات، وإنْ لم تَكُنِ الآسِرَةَ الوحيدةَ لتلك الحرِّيَّات.
"ومن شأن "مُسايَرَة" الطَّالب، اليومَ، من قِبَل الإداريِّين والمُدَرِّسين، والنُّزولِ عند رغباته ومستواه التَّفكيريّ، والتَّخفيفِ من الدُّروس المُعطاة له، والتَّعويضِ عن بعض الصُّفوف بالأفلام والأنشِطَة اللاَّصفِّيَّة والأبحاث الشَّكليَّة الَّتي يقومُ بها الأهلُ في المنزل بعامَّةٍ، أقولُ من شأن ما سبقَ أنْ يجعلَ الطَّالبَ يكرهُ المدرسةَ أقلّ، وإنَّما على حساب كَمِّ المعلومات الَّتي يتلقَّاها.
"وراحَ بعضُ المدارس يَهتمُّ بالتَّعليم على حساب التَّربية والثَّقافة العامَّة، وذلك أمرٌ مؤسِفٌ بالفِعل. وعليه، غَدَت تلك المدارسُ تخرِّجُ، وفي أحسن الأحوال، رجالاً عَمَليِّين إفراديًّا، لا رجالاً رجالاً يَحملون همَّ الغَير والوطن.
"كما أنَّ مِن المَدارس بعضًا يَعدُّ الطَّالبَ، إلى كونه مُجَرَّدَ رقم، زبونًا؛ و"الزَّبونُ"، كما هو مُتَعارَفٌ عليه في عالَم التِّجارة، "دائمًا على حقّ". وهكذا، فإنَّ الزَّبونَ، هنا، وهو الطَّالِبَ، "يُسايَرُ" على حساب الموظَّف، وهو، هنا، المُدَرِّس، طالَما أنَّ وَليَّ أمر الطَّالب يَدفَع؛ وبحيث باتَ يُخشى لا على الطَّالب من أن يُرَدِّدَ، بعدَ اليوم، ما لَطالما رَدَّد: "أكرهُ المدرسة"، بل على المُدَرِّس أن يقولَها هذه المرَّة، وبالفَم المَلآن: "أكرهُ المدرسة"!"
فيما يختمُ الكُتَيِّبَ الثَّاني، وهو حول أوَّل مَن اختُطِفَ من رجال الدِّين المسيحيِّين في العراق، الأسقف جرجس القسّ موسى، بالقول:
"أيًّا تَكُنْ مُلابساتُ خطفِ المِطران، وإطلاقِه... فإنَّ الحَبرَ كان أوَّلَ المُكَرَّسين الَّذين خُطفوا في أرض الرَّافِدَين، تلك الأرض الطَّيِّبَة، المِعطاء، مَهد الحَضارات.
"وليس الخطفُ، في المُطلَق، من شِيَمَ كِبار النُّفوس، بل هو نتيجةُ الجَهل، وقرينِه التَّعَصُّبِ الأعمى، كما نتيجةُ انفِلات المُجتَمعات، كلِّها، عندَ زوالِ الضَّوابِط، جميعِها، وتَفَلُّتِ البَشَر من إرثهم الإنسانيِّ، الإرثِ الَّذي، وَحدَه، كَفيلٌ بجَمعهم في كلِّ زمانٍ ومكان".